• مركز أسنان الدولي

        مختصون بزراعة الأسنان وتركيبات الاسنان الزيركون


  • التسجيل التعليمـــات التقويم


    أسرار مثيرة عن عالم المجهول..

    مواضيع طبية عامة غير مخصصة


    إضافة رد
    غير مقروء 02-22-2010
      #1
    asnanaka
    Administrator
    تاريخ التسجيل: Aug 2005
    المشاركات: 7,113
    إرسال رسالة عبر MSN إلى asnanaka إرسال رسالة عبر Skype إلى asnanaka
    افتراضي أسرار مثيرة عن عالم المجهول..

    مركز أسنان الدولي

     

    https://www.assnan.com

    أسرار مثيرة عن عالم المجهول..
    قصص لأموات عادوا للحياة في التراث الطبي العربي ..


    [ تقاريـر ودراسـات ]


    ماذا رأيت وأنت نائم، لعل هذا السؤال عاديا ولا غرابة فيه، لكن أن يسألك أحدهم ماذا رأيت وأنت ميت فهذا هو المستحيل بعينه، ففي تقرير مثير تناولته وسائل الإعلام مؤخرا تناول روايات الذين عادوا للحياة بعد توقف أجهزتهم لبضع ثوان وتمكن الأطباء من إعادة تشغيلها.

    حيث تناولت دراسة حديثة للمعهد الطبي في العاصمة التشيكية براغ لحظات الاحتضار وعملية الموت وما يشاهده الإنسان في لحظاته الأخيرة، مثل عرض كامل لسيرة حياته، ومشاهدته لنفق في نهايته ضوء أبيض، ومراقبته للأطباء وهم يقومون بإجراء العملية الجراحية له وهو في وضعية فوق رؤوسهم بحالة مراقبة.

    وقد اعتمدت الدراسة على آراء الأطباء النفسيين والجراحين وشهادات لأشخاص توفوا لساعات أو دقائق وعادوا ليقصوا ما جرى لهم.

    كما اعتمدت على التشخيص العلمي عند مفارقة الحياة وارتباط الحالة بين المراحل التدريجية لفقدان الوعي والإدراك الذي يترك الصور الأخيرة في الذاكرة.

    وبينت الدراسة أن رهبة الموت لها تأثير على تفكير الإنسان، وأن الموت يبدأ بتوقف عمل القلب وليس العكس، أي بتلف الدماغ حيث يوجد فرق أيضا بين الغيبوبة الطويلة التي يرافقها ترك الصور الأخيرة التي شاهدها المحتضر ويمكن أن تطول لسنوات، يقابله موت الدماغ الذي يستمر 20 دقيقة فقط حيث يستطيع الجسم البقاء على قيد الحياة لمدة عشرة أيام كحد أقصى.

    موت القلب ..
    وتكون لحظات الموت سريعة ولا رجعة فيها عندما يموت القلب بشكل كامل وتبدأ الأعضاء الأخرى بالتلف نتيجة عدم وصول الأوكسجين إليها، ويبدأ الدماغ بالتحلل ومن ثم تتحلل الأعضاء الأخرى وتعلن الوفاة.

    ويوضح الطبيب النفسي التشيكي يرجي تيل أن أحد الأمثلة تشير إلى أن حالة العودة إلى الحياة عبر خطوات تدخل الأطباء والتي يدخل فيها المريض حالة الوفاة مثل السكتات القلبية غير القاتلة ويشاهد مراحل نهايته وما ينطبع خلالها من صور، ترتبط بالحالة النفسية خاصة للأشخاص الذين مروا بمراحل علاج كان الألم عندهم شديدا.
    وأضاف أن "مرحلة فقدان الوعي تبدأ بعد ذلك ويتخللها عدم شعور المريض بالألم، وهنا يحس أنه قد شعر بالارتياح، أي يتصور أن مشكلته حلت، وتتداخل الصور عنده بين الذكريات المزروعة في الذاكرة الباطنية والتصورات الأخرى التي يمكن أن تبقى في المخيلة ويستطيع أن يتذكرها لدى عودته إلى الحياة بالارتباط مع حالة عمل الدماغ من جديد".

    ومن تلك التصورات ما رواه بعض الأشخاص الذين عادوا إلى الحياة وقصوا ما شاهدوه في تلك اللحظات.
    ويضيف تيل أن نسبة 10 إلى 20% ممن عادوا إلى الحياة وتم تسجيل انطباعاتهم في فترة توقف إمداد الدم من القلب إلى الدماغ وهي فترة عشر ثوان فقط، والتي خلالها تترك في الذاكرة تلك التصورات ويكون الوعي عند أشده حيث يستطيع المريض لاحقا تذكر تلك الانطباعات بسهولة. ويلفت إلى أنه قرأ مؤخرا بعض الدراسات لعلماء يحاولون تفسير الانطباعات الأخيرة قبل الوفاة من الناحية العلمية حيث يقومون بقياس نسبة الأوكسجين المتوفرة في الجسم لحظات الوفاة قبل توقف عمل القلب، وربط ذلك بوضع صور صغيرة الحجم في غرفة مريض لا يمكنه رؤيتها من السرير بحيث يمكن مشاهدتها من الأعلى فقط وإمكانية تذكرها لاحقا بعد عودته إلى الحياة مثل بعض السكتات القلبية غير القاتلة.

    حوادث مذهلة ..
    وذكرت الدراسة بحادثة أذهلت الأطباء في المستشفى العسكري بالعاصمة براغ قبل أعوام، حيث تم تسجل شهادة لرجل توفي وعاد إلى الحياة ليقول للأطباء ما شاهده في مراحل فقدانه للوعي ووفاته، حيث كرر جملة نطقها أحد الأطباء الجراحين في غرفة العمليات.
    وكان ذلك بمثابة خبر الصاعقة على الأطباء، ذلك أن المرحلة التي كان فيها المريض لا تسمح له بتذكر تلك الجملة، خاصة أن الأجهزة التي كانت تكشف حالة المريض كانت تبين مدى وعيه، ومع ذلك استطاع بعد عودته إلى الحياة تذكر تلك المرحلة التي مر بها وتذكير الطبيب بما قاله.

    وقد نشرت جريدة الراية القطرية في عددها الصادر بتاريخ 23/6/2006 تحقيقاً مثيراً نقلاً عن جريدة الديلي إكسبريس اللندنية حول عودة بعض الأموات إلى الحياة ونتوقف فيها عند حالة الشرطي البريطاني ستيف غارتنر ¯ 32 سنة ¯ الذي كان في مهمة مطاردة أحد اللصوص فأطلقوا عليه الرصاص على رأسه فأردوه قتيلاً ليسقط غارقاً في دمائه لتعلن وفاته بوصوله لمستشفى موريستون إلا أنه فاجأ طبيبته وأجهزة الشرطة التي قلبت الدنيا من أجل القبض على اللصوص والانتقام له بأنه عاد إلى الحياة ليفيق وسط حالة ذهول أصابت الجميع وهو يحكي عن الفترة التي " مات " فيها وأنه سافر إلى مكان بعيد ورأى وتكلم مع كل من سبقوه من الأموات منهم والده الذي لوح له بيده والأكثر إثارة أنه أخذ يحكي عن مشاهدته لجسده وهو ممدد في كفنه والناس تمنع أطفاله الثلاثة الصغار من رؤيته أو الاقتراب من مكان الجثة, وقد علقت الدكتورة بيتي ساثوري طبيبة المستشفى التي كان " مات " فيها أنها مندهشة مما حدث ولكن ستيف لم يستمر طويلاً في عمله بعد هذه الحادثة وتركه بعد 9 شهور حيث أصابه نوع غريب من الإجهاد والاضطراب النفسي الذي انتابه بعد هذا الحادث المثير.

    حالة أخرى شديدة الغرابة نشرتها الديلي إكسبريس اللندنية لشاعرة وكاتبة مسرحية من مدينة " ريدينج تدعى كارول ¯ 61 سنة ¯ حيث مرت بحالة غيبوبة فسرت على أنها موت بعد مشاهدتها لحالة الموت المفاجئ الذي اصاب والدتها العام 1990 وعندما أفاقت قالت إنها ذهبت لمكان ربيعي مشمس مزهر رغم أن الوقت كان شهر ديسمبر وأنها رأت كل الأموات وكلمتهم ورأت والدتها وفي تلك الأثناء قابلت رجلاً سألته إن كانت تستطيع البقاء في هذا المكان فأخبرها أن عليها الرجوع من أجل ابنها الصغير (9 سنوات ) وأخبرها في الوقت نفسه أن زوجها لن يعمر طويلاً وأنها أيضاً فتحت حقيبة والدتها ووجدت إيشارب شيفون قرمزي اللون والمثير أن الإيشارب كان موجوداً بالفعل في الحقيبة كما أن زوج كاروا مات بالفعل بعد العامين وعمره لم يتجاوز 51 سنة.

    قصة أغرب من الخيال يكشفها الدكتور معروف الجلبي قائد ورئيس خبراء هندسة الفضاء الميكانيكية بوزارة العلوم والثقافة ببغداد والذي يعمل كمحاضر للباراسيكولوجي, حيث يقول إنه في العام 1984 أثناء إجراء عملية جراحية حدث له موت إكلينيكي وقد سجل حصاد هذه التجربة النادرة في كتاب بعنوان " آسف.. رفضني الموت " يحكي فيه التفاصيل المثيرة لما رآه خلال فترة موته الإكلينيكي.

    مقدمة مفهوم الموت والحياة في التراث الطبي العربي ..
    الموت والحياة هذان النظامان المتناقضان المتناوبان، واللغزان المحيران لكل البشر حتى الفلاسفة والعلماء والأطباء، يرتكزان بشكل أساسي على مساءلة الروح الذي لم ولن يدرك الإنسان كنهه، يقول تعالى ((ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)) سورة الإسراء الآية (85).‏
    لذا بقي مفهوم الموت ودلائله مثار حيرة واختلاف قديماً وحديثاً، وللأطباء العرب والمسلمين آراء في تحديد أسباب الموت والعلامات التي تنبيء بقرب حصوله على سبيل المثال نكتفي بذكر قول أحدهم:‏

    يقول علي بن العباس المجوسي (كان حياً قبل 384هـ/ 994م) في أسباب الموت:‏
    ((إن الموت يكون بفساد اعتدال الحرارة الغريزية، فينبغي أن تعلم أن فسادها يكون إما عن أسباب متحركة من داخل البدن، وإما عن أسباب واردة عليه من خارج. فأما الأسباب المتحركة من داخل فتكون إما بسبب آليتها وإما بسبب كيفيتها، وإما فساد مادتها. فأما سبب فساد آليتها فيكون إما لآفة تعرض للدماغ أو للقلب أو للكبد، فإن الدماغ إذا فسد بطلت القوة المحركة النافذة منه إلى الصدر، فيبطل التنفس، وتنطفئ الحرارة الغريزية، والقلب إذا فسد بطلت القوة الحيوانية التي كان القلب يجذب بها الهواء من الرئة، والكبد إذا فسدت بطلت القوة المولدة للدم، الذي هو مادة الحرارة الغريزية) (1).‏
    ثم يفصل الكلام فيعدد أسباب الموت وهي لا تختلف كثيراً عما هو معروف لدينا اليوم وهي كما يقول/ كتناول بعض الأدوية الضّارة، التعرض للبرودة والانجماد، تناول المخدرات والمسكرات، نزيف الدم الشديد، الجوع أو العطش الشديد، انضغاط العروق والشرايين في الأبدان السمينة (ما نسميه تصلب الشرايين)، الفرح الشديد المفاجيء، تعرض الدماغ أو القلب أو الصدر لجراحة تبلغ تجاويفها، الرعب والفرح بغتة، الغرق بالماء، الاختناق إما بالدخان أو انسداد طريق التنفس، لدغ الهوام، طول المكث في الحمام أو في الشمس في زمن الحر... الخ.‏

    لقد اعتمد منذ القديم في تشخيص الموت، وتفريقه عن الحياة، على آراء بعض ذوي التجارب والأطباء، ممن كانوا يستندون في تحديد ذلك على بعض العلامات الخارجية، وخاصة توقف القلب عن النبض، أو توقف الدم عن الدوران أو الرئتين عن التنفس، بينما لم يعد ذلك مقبولاً اليوم في كل الحالات، خاصة بعد اكتشاف الأجهزة الحديثة، التي تبقي ضربات القلب لفترة ما، حتى بعد موت الإنسان(1).‏

    اهتم الأطباء العرب والمسلمون بمسألة التأكد من حدوث الموت، فاشتهر عنهم أنهم كانوا يمعنون النظر ويدققون فيمن ظن أنه مات، وحذق بعضهم في تحري الأعراض، وملاحظة العلامات التي تنفي الموت، وفي حالة تيقنهم من احتمال وجود بقية من حياة لم يألوا جهداً بالقيام بإسعافه وإنعاشه، وعلى الرغم من كون محاولاتهم كانت متواضعة إلا أنها كانت ذات نتائج باهرة في بعض الحالات..‏

    قصص من عادوا للحياة من الأموات‏ ..
    ورد في كتب التراث الطبي العربي أكثر من قصة عن أشخاص ظن أهلهم أنهم ماتوا بالسكتة، فغسلوهم، وكفنونهم، ثم اكتشف الأطباء الفطنون بعد ذلك أنهم مايزالون أحياء. وكذلك ورد فيها حكايات عديدة، عن أشخاص دفنوا خطأ، وهم لما يقضوا نحبهم.‏
    وسنستعرض فيما يلي أخبار من توصلنا إليهم من الذين تم إنعاشهم بعد أن ظهرت عليهم دلائل الموت، وغيرهم ممن دفنوا أحياء.‏

    أولاً) الحالة التي عالجها صالح بن بهلة:‏
    وهو طبيب متميز من أصل هندي، كان يمارس مهنته بالعراق في أيام هارون الرشيد.‏
    وعندما مرض إبراهيم بن صالح (ابن عم الرشيد) فحصه الطبيب جبرائيل بن بختيشوع وقال:‏
    ((إنه خلّفه وبه رمق ينقضي بآخره وقت صلاة العتمة، فاشتد جزع الرشيد لما أخبره به، وأقبل على البكاء فنصحه جعفر بن يحيى باستدعاء صالح بن بهلة الطبيب الهندي، وتوجيهه إلى إبراهيم بن صالح، ومضى صالح بن بهلة إلى إبراهيم حتى عاينه وجس عرقه، ثم أخبر الرشيد بأنه سوف لن يموت.‏
    ((ولما كان وقت صلاة العتمة ورد كتاب صاحب البريد بمدينة السلام يخبر بوفاة إبراهيم بن صالح على الرشيد، فاسترجع، وأقبل على جعفر بن يحيى باللوم في إرشاده إياه إلى صالح بن بهلة، وأقبل يلعن الهند وطبهم...).‏
    ((وبكر الرشيد إلى دار إبراهيم.. وصالح بن بهلة بين يدي الرشيد)) ثم حلف صالح بن بهلة بالأيمان الغليظة قائلاً ((تدفن ابن عمك حياً، فوالله يا أمير المؤمنين ما مات، فأطلق لي الدخول عليه والنظر إليه،... فأذن له بالدخول على إبراهيم وحده قال أحمد، قال لي أبو سلمة: فأقبلنا نسمع صوت ضرب بدن بكفّ، ثم انقطع ذلك الصوت، ثم سمعنا تكبيراً فخرج إلينا صالح بن بهلة وهو يكبّر ثم قال: قم يا أمير المؤمنين حتى أريك عجباً، فدخل الرشيد وأنا ومسرور الكبير، وأبو سلمة معه، فأخرج صالح إبرة كانت معه فأدخلها بين ظفر إبهام يده اليسرى ولحمه، فجذب إبراهيم بن صالح يده وردها إلى بدنه. فقال صالح: يا أمير المؤمنين هل يحس الميت بالوجع؟ فقال الرشيد: لا فقال له صالح: لو شئت أن يكلم أمير المؤمنين الساعة لكلمه. فقال له الرشيد فأنا أسألك أن تفعل ذلك. فقال: يا أمير المؤمنين أخاف إن عالجته وأفاق وهو في كفن فيه رائحة الحنوط أن ينصدع قلبه فيموت موتاً حقيقياً... ولكن تأمر بتجريده من الكفن... وإعادة الغسل عليه حتى تزول رائحة الحنوط عنه، ثم يلبس مثل ثيابه التي كان يلبسها في حال صحته وعلته، ويُطيَّب... ويحّول إلى فراش من فرشه التي كان يجلس وينام عليها، حتى أعالجه بحضرة أمير المؤمنين فإنه يكلمه من ساعته.‏
    ... قال أبو سلمة، فوكلني الرشيد بالعمل بما حدثه صالح ففعلت ذلك.
    ثم صار الرشيد وأنا معه ومسرور وأبو سليم وصالح إلى الموضع الذي فيه إبراهيم، ودعا صالح بن بهلة بكندس ومنفخة من الخزانة ونفخ من الكندس في أنفه فمكث مقدار ثلث ساعة، ثم اضطرب بدنه وعطس وجلس قدام الرشيد، وقبل يده.
    فسأله (الخليفة) عن قصته، فذكر أنه كان نائماً نوماً لا يذكر أنه نام مثله قط طيباً.... وعاش إبراهيم بعد ذلك دهراً ثم تزوج العباسة بنت المهدي، وولي مصر وفلسطين وتوفي في مصر وقبره بها)) (2).‏

    لقد اعتمد صالح بن بهلة على حس الألم والمنعكسات ليستدل على استمرار الحياة، أما بخصوص الوسيلة التي اتبعها في الإنعاش فتتمثل باستعمال المنفاخ واللجوء إلى (مسحوق الكندس) وهو نوع من العقاقير النباتية، دفع به إلى الطرق التنفسية بواسطة المنفاخ لإثارة التنفس ومضاعفته، وتزويد المريض بالهواء (3).‏

    ثانياً- الحالة التي عالجها ابن جميع:‏
    يقول ابن أبي أصيبعة ((حدثني بعض المصريين أن ابن جميع (من أبناء القرن الرابع الهجري/الثاني عشر الميلادي) كان يوماً جالساً في دكانه عند سوق القناديل بفسطاط مصر، وقد مرت جنازة فلما نظر إليها صاح بأهل الميت، وذكر لهم أن صاحبهم لم يمت، وأنهم إن دفنوه فإنما يدفنونه حياً...
    ثم قال بعضهم هذا الذي يقوله مايضرنا أننا نمتحنه، فإن كان حقاً فهو الذي نريده، وإن لم يكن حقاً فما يتغير علينا شيء.
    فاستدعوه إليهم وقالوا: بيّن الذي قلت لنا، فأمرهم بالمصير إلى البيت، وأن ينزعوا عن الميت أكفانه، وقال لهم احملوه إلى الحمام، ثم سكب عليه الماء الحار، وأحمى بدنه ونطله بنطولات، وعطَّسه فرأوا فيه أدنى حس، وتحرك حركة خفيفة.
    فقال أبشروا بعافيته، ثم تمم علاجه إلى أن أفاق وصلح...
    ثم سئل بعد ذلك من أين علمت أن ذلك الميت، وهو محمول وعليه الأكفان، أن فيه روحاً؟
    فقال: إني نظرت إلى قدميه فوجدتهما قائمتين، وأقدام الذين قد ماتوا تكون منبسطة، فحدست أنه حي)) (4).‏

    ويبدو من هذه القصة دقة ملاحظة الطبيب ابن جميع، فقد لاحظ أن قدمي من ظن ميتاً قائمتان، وهذا ينفي الموت، وإن كان انبساطه لا يؤكده (5).‏

    وإن ماقام به بعملية الإنعاش هو تصرف صحيح، فبعد أن أحمى بدن مريضه سكب على وجهه ورأسه مزيجاً من الماء وبعض المواد المثيرة والمنعشة لتندفع في المجاري التنفسية العليا لتنبه عملية التنفس، بعد أن جرى تنشيط الدورة الدموية.‏

    ثالثاً- الحالة التي ذكرها ابن العماد الحنبلي:‏
    جاء في كتاب شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي، في وفيات سنة 398هـ، عن وفاة البديع الهمذاني صاحب المقامات:‏
    ((قال الحاكم أبو سعيد عبد الرحمن بن دوست، جامع رسائل البديع: توفي البديع رحمه الله تعالى يوم الجمعة حادي عشر جمادى الآخرة. ثم قال الحاكم المذكور: وسمعت الثقات يحكون أنه مات من السكتة وعُجِّل دفنه، فأفاق في قبره، وسُمع صوته بالليل. وأنه نُبش فوجدوه قد قبض على لحيته ومات من هول القبر)) (6).‏

    رابعاً- الحالات التي عالجها اليبرودي:‏
    وهو طبيب فاضل من نصارى اليعاقبة، يدعى أبو الفرج جورجس بن يوحنا، وهو من أهالي قرية يبرود، توفي بعد سنة (400هـ/ 1009م).
    ((عبر يوماً سوق جيرون بدمشق، فرأى إنساناً وقد بايع على أن يأكل أرطالاً من لحم فرس مسلوق، مما يباع في الأسواق، فلما رآه وقد أمعن في أكله بأكثر مما تحمله قواه، ثم شرب بعده فقاعاً كثيراً وماءً بثلج، واضطربت أحواله، تفرس فيه أنه لابد أن يغمى عليه، وأن يبقى في حالة يكون الموت أقرب إليه إن لم يتلاحق.
    فتبعه إلى المنزل الذي له، واستشرف إلى ماذا يؤول أمره.
    فلم يكن إلا أيسر وقت وأهله يصيحون ويضجون بالبكاء، ويزعمون أنه قد مات.
    فأتى إليهم وقال: أنا أبرئه وما عليه بأس. ثم أخذه إلى حمام قريب وفتح فكيه كرهاً، ثم سكب في حلقه ماء مغلياً، وقد أضاف إليه أدوية مقيئة وقيأه برفق. ثم عالجه وتلطف في مداواته حتى أفاق وعاد إلى صحته)) (7).‏

    ((وقال الطرطوشي في كتاب سراج الملوك: ((حدثني بعض الشاميين أن رجلاً خبازاً بينما هو يخبز في تنوره بمدينة دمشق إذ عبر عليه رجل يبيع المشمش، فاشترى منه، وجعل يأكله بالخبز الحار فلّما فرغ سقط مغشياً عليه، فنظروه فإذا هو ميت.
    فجعلوا يتربصون به، ويحملون له الأطباء فيلتمسون دلائله، ومواضع الحياة منه، فلم يجدوا فقضوا بموته، فغسل وكفّن وصلّي عليه، وخرجوا به إلى الجنازة، فبينما هم في الطريق على باب البلد، فاستقبلهم رجل طبيب يقال له اليبرودي، وكان طبيباً ماهراً حاذقاً عارفاً في الطب.
    فسمع الناس يلهجون بقضيته، فاستخبرهم عن ذلك فقصوا عليه قصته.
    فقال حطّوه حتى أراه، فحطوه فجعل يقلبه، وينظر في إمارات الحياة التي يعرفها. ثم فتح فمه وسقاه شيئاً ، أو قال حقنه فاندفع ما هنالك فأسيل، فإذا الرجل قد فتح عينيه وتكلم وعاد كما كان إلى حانوته)) (8).‏

    إن ماقام به اليبرودي في الحالتين نحو ما يشبه غسيل المعدة، الذي نقوم به في الوقت الحاضر، لتفريغ المعدة من محتوياتها من الغذاء والسموم.‏

    خامساً-الحالات التي ذكرها عريب بن سعيد الكاتب القرطبي (ت 369هـ/ 980م):‏
    يقول عريب:‏
    ((كانت بقصر الزاهرة في سنة 342هـ جارية مسلولة.... فماتت بين أيدي جملة من النساء، بعد أن انقطع نفسها وغشي عليها.
    ففعلوا بها مايفعل بالأموات، من شد الفم وشد الذقن وتغطية الوجه. وبقيت بحالها كذا من وقت العشاء الآخرة إلى اليوم الثاني.
    ثم غسلت وكفنت ووضعت في النعش مختومة الأنفاس مغمومة الوجه في القطن والأكفان، وكان ذلك في شدة الحر....
    ثم أتي بها إلى مقبرة الربض... فصلي عليها ودفنت وهوى التراب على قبرها وانفض الناس.... وبقي منهم من وكل بحفظ القبة المضروبة عليها.
    فلما كان بعد حين تحركت في القبر، وصاحت صياحاً سمعها من كان في القبة، وأشعروا الناس بخبرها فكُشف التراب عنها واستخرجت حيّة ناطقة، وغسل وجهها وسقيت الماء، وتحدثت بكثير مما رأت بزعمها، وبقيت في القبة إلى الليل، ثم أُتي بها إلى دار وكيل سيدها، فباتت فيها و‎أكلت الطعام وشربت الماء وتحدثت أكثر ليلتها. ونُقلت بالغداة إلى بعض دور المدينة فماتت ذلك النهار ودفنت ثانية)) (9).‏

    ((حكى أحمد بن مطّرف الفقيه، نقلاً عن جدته عن بنتها قالت: كنتُ جاريةً، ابنة اثنتي عشرة سنة أو نحوها، في أيام الأمير عبد الرحمن بن الحكم، توفي رجل من خيارنا، كان ساكناً بشرقي مقبرة بقرطبة، ولبث ميتاً بعض ليلته ويومه.
    ثم غُسل وكُفن، وخُرج بنعشه إلى المقبرة فصلي عليه... ثم خلي في لحده، فلما هم الناس بوضع الألواح عليه تحرك في أكفانه، ففزع الناس وتفرقوا ثم انصرفوا وهو يتحرك، فأخرجوه من لحده وحمل إلى داره وعاش مدة طويلة غير أنه ذهب بصره)) (10).

    إذا كانت الحكاية الثانية مقبولة من حيث كون الميت في حالة غيبوبة استعاد عافيته، إلا أن الحكاية الأولى من الصعب التيقن من صحتها.
    لأنه كيف يتسنى لها أن تتنفس وهي في اللحد، وفوقها أكوام التراب، وتبقى هذه المدة الطويلة حية بكمية الهواء القليل المتبقي في اللحد؟‏

    سادساً- الحالة التي عالجها ابن نوح:‏
    ((حدثنا أبو الحسن بن المهدي القزويني قال: كان عندنا طبيب يقال له ابن نوح، فلحقتني سكتة، فلم يشك أهلي في موتي، وغسلوني وكفنوني وحملوني على الجنازة، فمرت الجنازة عليه ونساء خلفي يصرخن، فقال لهم: إن صاحبكم حي فدعوني أعالجه... وحملني فأدخلني الحمام وعالجني. وأفقت في الساعة الرابعة والعشرين من ذلك الوقت ووقعت البشائر ودفع إليه المال، فقلت للطبيب بعد ذلك من أين عرفت هذا؟ فقال رأيت رجليك في الكفن منتصبة وأرجل الموتى منبسطة ولا يجوز انتصابها فعلمت أنك حي وخمنت أنك أسكت وجربت عليك فصحت تجربتي))(11).‏

    سابعاً- الحالة التي عالجها أبو الحسن ثابت بن قرة:‏
    روى ابن أبي أصيبعة أنه ((من بديع حسن تصرف ثابت بن قرة 211-288هـ/825-900م) أنه اجتاز يوماً ماضياً إلى دار الخليفة، فسمع صياحاً وعويلاً فقال: مات القصاب الذي كان في هذا الدكان؟
    فقالوا له: إي والله ياسيدنا البارحة فجاءة، وعجبوا من ذلك.
    فقال: ما مات خذوا بنا إليه، فعدل الناس معه إلى الدار، فتقدم إلى النساء بالإمساك عن اللطم والصياح، وأمرهن بأن يعملن مزورة.
    وأومأ إلى بعض غلمانه بأن يضرب القصاب على كعبه بالعصا، وجعل يده في مجسه.
    ومازال ذلك يضرب كعبه إلى أن قال: حسبك.
    واستدعى قدحاً وأخرج من شكة في كمه دواء، فدافه في القدح بقليل ماء، وفتح فم القصاب وسقاه إياه فأساغه، ووقعت الصيحة والزعقة في الدار والشارع بأن الطبيب قد أحيا الميت.
    فتقدم ثابت يغلق الباب والاستيثاق منه، وفتح القصاب عينيه فأطعمه مزورة وأجلسه، وقعد عنده ساعة.
    وإذا بأصحاب الخليفة قد جاؤوا يدعونه، فخرج معهم والدنيا قد انقلبت، والعامة حوله يتعادون إلى أن دخل دار الخلافة.
    ولما مثل بين يدي الخليفة قال له: يا ثابت ما هذه المسيحية أي التشبه بالسيد المسيح الذي أحيا الموتى) التي بلغتنا عنك؟‏
    قال يا مولاي كنت أجتاز على هذا القصاب وألحظه يشرح الكبد، ويطرح عليها الملح ويأكلها، فكنت أستقذر فعله أولاً، ثم أعلم أن سكتة ستلحقه.
    فصرت أراعيه وإذ علمت عاقبته انصرفت وركبت للسكتة دواء استصحبته معي في كل يوم.
    فلما اجتزت اليوم وسمعت الصياح قلت مات القصاب؟ قالوا نعم مات فجاءة البارحة، فعلمت أن السكتة قد لحقته.
    فدخلت إليه ولم أجد له نبضاً، فضربت كعبه إلى أن عادت حركة نبضه، وسقيته الدواء ففتح عينيه، وأطعمته مزورة، والليلة يأكل رغيفاً بدراج، وفي غد يخرج من بيته)) (12).‏

    إن ما قام به ابن قرة بضرب كعب المريض أولاً ثم إسقاءه الدواء بعد ذلك هو نوع من التنبيه للمراكز الحسية للتنفس والقلب.
    كما وأنه أثناء ضرب القدم على الأغلب رفعت الأقدام عالياً مما أدى إلى رجوع الدم إلى الدماغ وتنبه الأوعية الدموية المحيطية، وهذا ما نقوم به اليوم في حالات الإغماء.‏

    ثامناً- الحالات التي عالجها أبو الحسن الحراني (283-365هـ/896-976م)‏
    يقول ابن أبي أصيبعة:‏
    أ) - ((نقلت من خط ابن بطلان في مقالته (في علة نقل الأطباء المهرة تدبير أكثر الأمراض التي كانت تعالج قديماً بالأدوية الحارة إلى التدبير المبرد)... قال:‏
    كان قد أُسكن الوزير أبو طاهر بن بقية في داره الشاطئة على الجسر ببغداد، وقد حضر الأمير معز الدولة بختيار، والأطباء مجمعون على أنه قد مات.

    فتقدم أبو الحسن الحراني، وكنت أصحبه يومئذ، فقال: أيها الأمير إذا كان قد مات فلن يضره الفصاد، فهل تأذن في فصده؟‏
    قال: افعل يا أبا الحسن، ففصده فرشح منه دم يسير. ثم لم يزل يقوى الرشح إلى أن صار الدم يجري، فأفاق الوزير.
    فلما خلوت به سألته عن الحال وكان ضنيناً بما يقول.
    فقال من عادة الوزير أن يستفرغ في كل ربيع دماً كثيراً من عروق المعدة، وفي هذا الفصل انقطع عنه فلما فصدته ثابت الطبيعة من خناقها)) (13).‏

    حول هذه الحالة نقول ربما كان المريض مصاباً بازدياد عدد كريات الدم الحمراء الكاذبة أو الحقيقية أو ارتفاع ضغط الدم الشرياني العالي، وفي استفراغ الدم حصل تخفيف لضغط الدم أو تقليل من عدد كريات الدم الحمراء.‏

    ب)- قال عبيد الله بن جبرائيل: ولأبي الحسن وصديقه سنان أحاديث كثيرة حسنة، منها حديث قلاء الكبود، وذلك أنه كان بباب الأزج إنسان يقلي الكبود، فكانا إذا اجتازا عليه دعا لهما وشكرهما، وقام لهما حتى ينصرفا عنه.
    فلما كان في بعض الأيام اجتازا فلم يرياه، فظنا أنه قد شغل عنهما، ومن غد سألا عنه فقيل لهما: إنه الآن قد مات.
    فعجبا من ذلك، وقال أحدهما للآخر له علينا حق يوجب علينا قصده، ومشاهدته، فمضيا جميعاً وشاهداه، فلما نظرا إليه تشاوروا في فصده، وسألا أهله أن يؤخروا ساعة واحدة ليفكروا في أمره، ففعلوا ذلك وأحضروا فصاداً ففصده فصدة واسعة، فخرج منه دم غليظ.
    وكان كلما خرج الدم خف عنه حتى تكلم، وسقياه مايصلح وانصرفا عنه. ولما كان في اليوم الثالث خرج إلى دكانه)) (14).‏

    تاسعاً- الحالة التي عالجها صاعد بن بشر:‏
    يقول ابن أبي أصيبعة: ((ونقلت أيضاً من خط أبي سعيد الحسن بن أحمد بن علي في كتاب (ورطة الأجلاّء، عن هفوة الأطباء)
    قال: كان الوزير علي بن بلبل ببغداد، وكان له ابن أخت فلحقته سكتة دموية، وخفي حاله على جميع الأطباء ببغداد، وكان بينهم صاعد بن بشر حاضراً، فسكت حتى أقر جميع الأطباء بموته، ووقع اليـأس من حياته. وتقدم الوزير في تجهيزه، واجتمع الخلق في العزاء، والنساء في اللطم والنياح، ولم يبرح صاعد بن بشر من مجلس الوزير.
    فعند ذلك قال الوزير لصاعد بن بشر الطبيب، هل لك من حاجة؟ فقال له: نعم يا مولانا، إن رسمت وأمرت لي ذكرت ذلك.
    فقال له: تقدم وقل مايلج في صدرك.
    فقال صاعد: هذه سكتة دموية، ولا مضرة في إرسال مبضع واحد، وننظر فإن نجح كان المراد، وإن تسكن الأخرى فلا مضرة فيه، ففرح الوزير وتقدم بإبعاد النساء، وأحضر ما يجب من التمريخ والنطول والبخور والنشوق، واستعمل ما يجب.‏
    ثم شد عضد المريض وأقعده في حضن بعض الحاضرين، وأرسل المبضع بعد التعليق على الواجب من حالته، فخرج الدم ووقعت البشائر في الدار.
    ولم يزل يخرج الدم حتى ثلثمائة درهم من الدم.
    فانفتحت العين ولم ينطق بعد، فشد اليد الأخرى ونشّقه ما وجب تنشيقه، ثم فصده ثانياً وأخرج مثلها من الدم وأكثر، فتكلم، ثم أسقي وأطعم ما وجب، فبرئ من ذلك وصح جسمه، وركب في (اليوم) الرابع إلى الجامع، ومنه إلى ديوان الخليفة، ودعا صاعداً ونثر عليه من الدراهم والدنانير الكثيرة)) (15).‏

    عاشراً- الحالة التي عالجها ابن التلميذ:‏
    جاء في كتاب وفيات الأعيان أن موفق الدين عبد اللطيف البغدادي ذكر عند الحديث عن ابن التلميذ ((أنه أحضرت إليه، ويقصد أمين الدولة هبة الله ابن التلميذ (466-560هـ/1077-1165م) امرأة محمولة لا يعرف أهلها أفي الحياة هي أم الممات، وكان الزمان شتاءً، فأمر بتجريدها وصب عليها الماء المبرد صباً متتابعاً كثيراً، ثم أمر بنقلها إلى مجلس دفيء قد بخر بالعود والند، ودفئت بأصناف الفراء ساعة، فعطست وتحركت وقعدت وخرجت ماشية مع أهلها إلى منزلها)) (16).‏

    حادي عشر- الحالة التي ذكرها ابن حجر العسقلاني:‏
    ذكر العسقلاني في حوادث سنة 780هـ: ((وفيها حمل إلى المارستان رجل كان منقطعاً بين النهرين في عريش فمرض، وبقي ملقى على الطريق أياماً. فحمله بعضهم إلى المارستان، فنزل فيه ثم مات، فغسل وصلّي عليه وحمل إلى المقبرة، فلما أدخل القبر عطس فأخرج، ثم عوفي وعاش. وصار يحدث الناس بما رأى وعاين، وكانت غريبة بدمشق في جمادى الآخرة)) (17).‏

    وسائل الإنعاش عند الأطباء العرب والمسلمين:‏
    من المعروف أن كلمة الإنعاش تعني اليوم: محاولة لإعادة الشخص المغمى عليه، أو فاقد الوعي، أو متوقف التنفس أو القلب بشكل مفاجئ، لأي سبب طارئ، لحياته الطبيعية والوظيفية، بتقديم الإسعاف والمعالجة.‏

    يقول الدكتور الجاسر ((ولقد كانت هناك محاولات كثيرة للإنعاش من قبل: فرش الماء البارد على وجه من فقد وعيه، وصفعه مرات على خده، وحل أزرار الثياب المحيطة بعنقه وصدره، وتعريضه لاستنشاق سوائل ذات رائحة نفاذة، كلها محاولات للإنعاش، إلا أنها محاولات بدائية قاصرة)) (18).‏

    ويقول معلقاً على الحالة الأولى والثانية من الحالات التي ذكرناها: ((من المؤسف أن تلك القصص لا تحدثنا عنها الكثير، ولا تقف عندها كثيراً، وإنما تعرضها بإيجاز لتنتقل بعد ذلك إلى الجانب السهل، الذي يثير إعجاب العامة دونما أساس علمي، وقليل من تلك الروايات من فصّل الحديث عن الانعاش ومدنا بمعلومات هامة)) (19).‏

    ولكننا بعد استعراضنا الحالات الأربعة عشر السابقة وجدنا لديهم الكثير من وسائل الانعاش التي، وإن كانت متواضعة لا ترقى إلى مستوى وسائل الإنعاش اليوم، إلا أنها كانت ولاتزال لاتخلو من فائدة.

    وفيما يلي نوجز وسائل الإنعاش لديهم:‏
    1- استعمال المنفاخ ندرّ مواد مخرشة أو معطِّسة أو عطرية، لتنبيه التنفس، وتزويد المريض بالهواء كتعويض لعملية التنفس، وكمثال على ذلك قيام الطبيب صالح بن بهلة في الحالة الأولى، باستعمال المنفاخ ومادة (الكندس) قبل بضعة قرون من استعماله في الغرب.‏

    2- استعمال الماء الحار والحمام لإحماء بدن المريض، بغية تنشيط الدورة الدموية ومضاعفة التروية الخلوية. ومن ثم مسحه ببعض الأدوية المخرشة التي نبهت العطاس والتنفس. وهذه الطريقة مرّ استعمالها في الحالة الثانية والسادسة فيما سبق.‏

    3- سقي الماء الحار والمواد المقيئة لإجراء ما يشبه غسيل المعدة، لتخليصها من محتوياتها الفاسدة، وكذلك استعمال المحقنة لنفس الغرض. وقد لاحظنا استعمال هذه الطريقة في معالجة الحالات التي لجأ إليها اليبرودي.‏

    4- استعمال الضرب على الكعب، ورفع القدمين إلى الأعلى أثناء الضرب، وهو الذي يؤدي إلى رجوع الدم إلى الدماغ وتنبيه الأوعية المحيطية، ثم إسقاء المريض بعض الأدوية المنبهة. وقد ذكرنا استعمال ثابت بن قرة لهذه الطريقة في معالجة مرضه وهي لاشك تشبه إلى حد كبير ما نقوم به في حالات الغيبوبة.‏

    5- استعمال الفصد واستفراغ الدم من المصابين بالسكتة (كما جاء في بعض الحالات التي ذكرناها). ونفسر تحسن أولئك المرضى بأنه قد حدث نتيجة تقليل حجم وضغط الدم لاحتمال كونهم كانوا مصابين إما بازدياد في عدد كريات الدم الحمراء (الكاذبة أوالحقيقية) أو إنهم كانوا مصابين بارتفاع في ضغط الدم الشرياني.‏

    وبذلك نأتي على نهاية الدراسة التي بينا فيها معرفة الأطباء العرب والمسلمين للدلائل التي تشير إلى من به رمق من حياة، وكذلك بينا فيها تطبيقهم للكثير من وسائل الانعاش التي لازال بعضها قيد الاستعمال حتى اليوم وبشكل متطور.‏

    المصادر:‏
    وسائل الإنعاش وقصص لأموات عادوا للحياة في التراث الطبي العربي ـــ د.محمود الحاج قاسم محمد
    1- المجوسي: علي بن العباس- كامل الصناعة الطبية، المطبعة المصرية الكبرى 1294، ج1، ص140.‏
    2- ابن أبي أصيبعة: موفق الدين أبي العباس أحمد بن القاسم- عيون الأنباء في طبقات الأطباء، إصدار دار الفكر، بيروت 1956، ج3، ص52-55.‏
    3-الجاسر: الدكتور محمد طه- انعاش من بدا عليه الموت في تاريخ الطب عند العرب، بحث قدم في المؤتمر السنوي الثالث للجمعية السورية لتاريخ العلوم 1978، ص153.‏
    4- ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء، ج3، ص 187-188.‏
    5- الجاسر: انعاش من بدا عليه الموت (البحث) ص153.‏
    6- الحنبلي: أبي الفلاح عبد الحي بن العماد- شذرات الذهب في أخبار من ذهب، دار الكتب العلمية -بيروت (بدون تاريخ ج3، ص151.‏
    7- ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء ج3، ص236.‏
    8- المصدر نفسه ص238.‏
    9-القرطبي: عريب بن سعيد الكاتب- كتاب خلق الجنين وتدبير الحبالي والمولودين، مكتبة فراريس، الجزائر، 1656، ص 33.‏
    10- المصدر نفسه ص33.‏
    11- ابن الجوزي: أبي الفرج عبد الرحمن- كتاب الأذكياء، مكتبة القاهرة، بمصر (بدون تاريخ) ص 178.‏
    12-ابن أبي أصيبعة- عيون الأنباء ج2، ص195.‏
    13- المصدر نفسه ج2، ص212.‏
    14-المصدر نفسه ج2، ص213.‏
    15-المصدر نفسه ج2، ص222.‏
    16-ابن خلّكان: أبي العباس شمس الدين أحمد- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان- تحقيق د. إحسان عباس، دار صادر بيروت (بدون تاريخ) المجلد السادس ص 76-77.‏
    17- العسقلاني: الإمام أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر- إنباء الغمر بأبناء العمر، مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن- الهند، الطبعة الأولى ج1، ص272.‏
    18-الجاسر: الدكتور محمد طه- مبادئ علم التخدير والانعاش، حلب، الطبعة الثانية، 1972، ص130.‏
    19-الجاسر: انعاش من بدا عليه الموت (البحث) ص 152.‏
    (1) لقد استوجب اليوم وضع تعريف جديد لمفهوم الموت بحيث أصبح يعتمد، في بعض الحالات، على موت الدماغ أو بالأصح على موت جذع الدماغ. وذلك لاحتواء جذع الدماغ على مراكز التنفس والتحكم في القلب والدورة الدموية، فعند إصابة هذه المراكز إصابة دائمة تعني الموت. ولكن عند اصابتها بشكل مؤقت، يمكن أن يشفى المصاب بإذن الله بالعلاج، ولهذا يلزم محاولة استمرار التنفس وضربات القلب والدورة الدموية بوسائل الانعاش. د. محمد علي البار- موت القلب أو موت الدماغ- الدار السعودية للنشر، الطبعة الأولى، 1987، ص84

    لمعلومات أكثر وضوح أضغط على البنر وشاهد أفلام كثيرة في اليوتيوب لدكتور أنس عبد الرحمن حول الكثير من مواضيع طب الأسنان

     

    asnanaka غير متواجد حالياً  
    رد مع اقتباس
    إضافة رد


    الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
     
    أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
    إبحث في الموضوع:

    البحث المتقدم

    تعليمات المشاركة
    لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    لا تستطيع الرد على المواضيع
    لا تستطيع إرفاق ملفات
    لا تستطيع تعديل مشاركاتك

    BB code is متاحة
    كود [IMG] متاحة
    كود HTML معطلة



    الساعة الآن 12:56 AM.



    تعريف :

    تعريف في بضعة أسطر عن المنتدى يمكنك وضع الوصف الخاص بك هنا هذا الوصف مجرد وصف تجريبي فقط من القمة هوست لتبين شكل الوصف .


    جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها وقرار البيع والشراء مسؤليتك وحدك

    Powered by vBulletin® Version 3.8.4
    Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd