فوفو
05-17-2011, 12:44 PM
الحرف التقليديه في سوريا..
http://www.baladnaonline.net/ar/images/stories/news/10-04-2010/1-7-a.jpg
حكايات تُروى وتاريخ عريق المهن اليدوية التقليدية على وشك الانقراض فأنقذوها
المهن اليدوية.. حكايات تُروَى.. وتاريخ عريق يتحدث.. وإرثٌ ثمين لا يزال يورّثه الأجداد للأبناء والأحفاد.. ولكن ما واقع هذه الصناعات في زمننا الحاضر؟ هل احتفظت بطرائقها اليدوية البسيطة أم دخلت الآلات الحديثة في تصنيعها؟ هل ما زالت تشكّل مصدر دخلٍ تعتاش منه الأسر التي توارثت هذه المهن ؟ لذلك كان
قمنا بجولة على أهمّ الصناعات التي تشتهر بها المحافظات السورية، ليحدّثنا حرفيّوها عن معاناتهم في سبيل حماية هذا الإرث والمحافظة عليه قدر المستطاع في عصر باتت فيه الآلة تنافس الإنسان وتحتلّ مكانه في كثير من المواقع.
الصناعات التقليدية في الرقة.. في طريقها إلى الزوال
يعتمد سكان الرقة في معيشتهم بشكلٍ أساسي على تربية الثروة الحيوانية وخاصة الأغنام، وهذه المهنة تفرض ميزة خاصة على حياتهم، وجاءت الصناعات التقليدية في المحافظة لتؤكّد الارتباط الوثيق بمتطلبات الحياة السائدة وأنماطها، وتَبرز صناعة بيوت الشعر من بين مفردات الصناعة التقليدية التي اشتهرت بها الرقة، إضافة إلى صناعة الفرو والسجاد الخفيف، حيث كانت صناعة بيوت الشعر العربية مهنة أساسية أتقنها سكان الأرياف بالدرجة الأولى، ولا تزال هذه الصناعة تحظى بأهمية كبيرة لدى أهالي الرقة، وخاصة القبائل المتنقلة، لأنّها تعبر عن الموروث الشعبي لدى سكان الرقة، وتشكّل إحدى مفردات الحياة الرقّيّة.. يقول الباحث التراثي محمد العزو: إنّ صناعة بيوت الشعر من أكثر الصناعات التي يتقنها أهل الرقة، وهي تصنّع باستخدام آلة خشبية تسمّى «السدو»، وكانت عملية النسج تتمّ في طقوس جماعية، حيث تجتمع النسوة البدويات في أوّل فصل الخريف، ويبدأن غزل شعر الماعز لينتجن خيوطاً سوداء طويلة خشنة الملمس، وبعد جهد مضنٍ يستغرقه نسج هذه الخيوط تأخذ شكل أشرطة طوليّة تشكّل قطع بيت الشعر (الخيمة العربية), يأتي دور الرجال، حيث يقومون بوصل هذه الأشرطة بعضها ببعض، ليتكامل تصنيع البيت ويأخذ شكله النهائي، ولبيوت الشعر أشكال وحجوم عدة، وأصغر بيت منها يدعى «الخص»، الذي يقوم على عمود واحد، يليه في الحجم «المقورن»، وهو الذي يقوم على عمودين، ثمّ «المثولث» ذو الأعمدة الثلاثة, والمروبع, والمخومس, وأخيراً المسوبع، وعادة يستخدمه شيوخ القبائل وسادتها في سكنهم.
http://www.baladnaonline.net/ar/images/stories/news/10-04-2010/1-7-b.jpg
ويتابع العزو حديثه، قائلاً: تراجعت صناعة البيوت العربية في زمننا الحاضر بشكل كبير جداً، وخاصة بعد الاستقرار السكاني، الذي جاء نتيجة مباشرة للتوسع في العمل الزراعي، واقتصار مربّي الثروة الحيوانية على الترحال بقطعانهم في أوقات محددة من العام، كما أنّ وجود الخيمة الصناعية الجاهزة في الأسواق حدّ من هذه الصناعة، وانحصر بالتالي اقتناء الخيمة العربية على الخاصة من الناس، وأعداد قليلة من قاطني البادية.
ومن الصناعات العريقة التي ازدهرت بها الرقة وعموم حوض الفرات، صناعة الفرو والسجاد، حتى إنّ هناك سوقاً خاصاً لهم يسمّى «سوق الفرواتية»، وقد كانت هذه المهنة سابقاً من أكثر المهن التي تدرّ أرباحاً مالية على أصحابها، وفي هذه الأيام تغيّرت الأحوال فأغلق الكثير من هؤلاء مشاغلهم وحوانيتهم واتجهوا إلى امتهان أعمال أخرى.
ويقول نجيب الفرواتي (صاحب مشغل للفرو): لقد ورثت مهنة صناعة الفرو عن آبائي وأجدادي، وتعتمد هذه الصناعة على جلود الخراف الصغيرة، حيث نقوم بشرائها من أصحاب الثروة الحيوانية، ونقوم بدبغها ونزيل الأوساخ عنها ونخيطها على شكل عباءة طويلة يرتديها الرجال في فصل الشتاء، كما نقوم بصناعة «الزروب» وهذه تستخدم في بيوت الشعر، كحواجز داخل البيت، وتصنع من عيدان البردي الموجودة على ضفاف الفرات، ومن المنتوجات التي نصنعها «البسط»، ومادتها الأولية صوف الأغنام، يصبغ بألوان متعددة، ثمّ ينسج بالنول اليدوي، ولها أصناف عديدة.
ويضيف الفرواتي؛ لقد أغلق العديد من الفرواتية مشاغلهم بسبب عدم رواج السلع التي ينتجونها، فالفراء الصناعي يغزو الأسواق وبأسعار رخيصة، كما أنّ معظم أهل البادية باتوا يعتمدون على الخيم الصناعية، وقد تحوّلت سلعنا التي نصنعها من حاجة أساسية لمعظم البيوت إلى سلعة كمالية يقتنيها قلة من الناس الذين تستهويهم الأشياء التراثية، وأنا لا أزال أتمسك بهذه المهنة، لأنها من تراث الأجداد.
وأكد الفرواتي أنّ إمكانية إنعاش هذه الصناعات وتطويرها يعتمد على مدى دعم اتحاد الحرفيين والجهات المعنية هذه الصناعات، وذلك عن طريق إقامة معارض كبيرة لهذه الصناعات وتشجيع المجموعات السياحية الوافدة إلى المدينة لزيارة الأسواق التي تعنى بشؤون التراث.
http://www.baladnaonline.net/ar/images/stories/news/10-04-2010/1-7-c.jpg
تراجع صناعة النحاس في حلب
صناعة النحاس من الصناعات التقليدية التي اشتهرت بها مدينة حلب، وما زالت هذه الصناعة تحافظ على ألقها في أسواق حلب القديمة، رغم إغلاق الكثير من أصحاب المهنة محالّهم ومشاغلهم، ليتحولوا إلى مهن أخرى، بحسب عبد القادر (30 عاماً)، الذي يعمل في محل لصناعة النحاس.. يتحدث عبد القادر عن معاناة اصحاب هذه المهنة، الذين أخذوا يتضاءلون لأسباب تعود إلى الإمكانات المادية وضعف الترويج، ولتنحصر هذه الصناعة بتصنيع الأواني النحاسية من «الطناجر والمناسف العربية والحلاّت والمقالي والمصافي النحاسية»، إضافة إلى بعض الأواني والتحف الجديدة، بعد دخول الآلة إلى هذه المهنة، ومنها السيوف ومناقل الجمر وبعض أنواع «الصواني» المزينة والمزخرفة، ودلال القهوة العربية، وبعض «الصواني» المنقوشة، فيما لجأ صناع المعادن إلى استعمال خامتين من النحاس لصناعة الأواني، وهما تختلفان من حيث المظهر واللون، وهما النحاس الأحمر، ويستخدم عادة في صناعة الأواني الضخمة المخصصة للطهو أو حفظ الماء والنحاس الأصفر الذي يكتسب لونه المميز من سبكه مع الزنك، وإذا كانت الزخرفة بالحفر أو الحزّ شائعة في أواني النحاس الأحمر، فإنّ منتجات النحاس الأصفر غالباً ما تزخرف بطريقتي «النيلو والتكفيت». لكنّ حرفيي هذه المهنة يجدون أنّ تراجع إقبال الناس على اقتناء النحاس يعود إلى أسباب مادية، منها ما يترتّب على اقتناء الأواني النحاسية وطرق تبييضها وتنظيفها، حيث تجعل الناس يحجمون عن شرائها، على اعتبار أنّ تبييض الآنية النحاسية يكلّف أكثر من نصف سعرها، لذلك أخذ المردود المادي لتلك الصناعة يتراجع، ومن العوامل أيضاً استخدام الناس أواني منزلية، كالألمنيوم والكروم، ودخول الزجاج وأنواع مختلفة تركت تأثيراً على طريقة تسويقها وانتشارها الواسع ودخولها كلّ البيوت، وهذا العامل غير موجود في النحاس الذي يبتعد كلياً عن التسويق الجيّد لتلك المنتجات.
http://www.baladnaonline.net/ar/images/stories/news/10-04-2010/1-7-d.jpg
صناعة السفن في اللاذقية.. تراث قديم وسمة تميز الساحل السوري
ارتبط بالساحل السوري العديد من الصناعات والحرف التقليدية، ولا سيّما تلك المتعلقة بالصناعات البحرية، حيث انطلقت صناعة السفن من جزيرة أرواد إلى الموانئ السورية، ومنها مدينة اللاذقية، وانتشرت مهنة صناعة السفن وقوارب الصيد والنزهة والشباك على شكل ورشات في الساحات العامة والأزقة وقرب الشاطئ، كما سادت صناعة المراكب الشراعية الكبيرة التي تنقل البضائع إلى الخارج، وصناعة اليخوت الكبيرة التي تضاهي الصناعات الأجنبية من حيث رخصها واتقان صنعها، وتعتبر مصدر فخر للحرفيين في المحافظة.
وعلى الرغم من بدائيّة الأدوات المستخدمة، وصعوبة العمل، وعدم وجود التسهيلات، وقلة الرعاية لهؤلاء الصناع المهرة، إلا أنهم يستمرون في هذه الصناعة التراثية، التي تعتبر سمة بارزة للساحل السوري، ولا سيما مدينة اللاذقية.
يقول أحمد حريشية، أحد أشهر صانعي السفن على مستوى الساحل السوري؛ إنّ صناعة السفن في اللاذقية تعتبر من المهن القديمة جداً، ونحن نعمل في مجال صناعة الزوارق البحرية، سواء أكانت مصنوعة من الحديد أم من الخشب، وأضاف: «في الورشة التي أملكها نعمل على صناعة جميع أنواع الزوارق، زوارق النزهة والصيد والشحن والقاطرة واليخوت، وقد صدّرنا أعمالنا إلى كثير من بلدان العالم، ومنها قبرص وتركيا ومصر واليونان والسعودية ورومانيا وليبيا وروسيا».
أمّا عن طريقة صناعة الزوارق، فقال الريّس أحمد: «يتألف الزورق من أوّل قطعة توضع فيه من أجل البدء ببناء جسمه، والتي تدعى الـ «بريم»؛ أي العمود الفقري أو الحامل الذي تحطّ عليه أضلاع خشبية أو حديدية بشكل عرضي، وتثبّت بالبراغي والمسامير، ومن ثمّ تفرش الألواح التي تغطّي فراغات البناء الهيكلي للزورق، وتمنع تسرب الماء إلى داخله، ويراعَى الزورق المصنوع من الخشب، بحيث يدهن سطحه بالزيوت والمعجون والدهان الخاص بالبحر ومناخه المقاوم لرطوبة هذه الأجواء، يخصّ بهذا الدهان الجزء السفلي من الزورق، الذي يُدعى «الغاطس»، أمّا الزوارق المصنوعة من الحديد، فلها مخططات يُعدّها مهندسون وخبراء متخصصون تحسب من خلالها جميع ما يلزم الزورق خلال رحلته في عباب البحار».
وأضاف: يعمل البحارة كلّ عام على ما يسمّى بالعامية «العمرة»؛ أي إعادة تأهيل الزورق وصيانته من الداخل والخارج، حيث يرفع إلى الشاطئ، ويقوم عمال الورشة بتجهيزه وإعداده بشكل كامل، ميكانيكياً وهيكلياً، وحتى على مستوى الدهان والقشرة الخارجية»، وأوضح أنّ اسم زورق يطلق على كلّ مركب لم يتعدَّ طوله أكثر من 24م، وإن زاد على هذه القيمة أصبح سفينة.
http://www.baladnaonline.net/ar/images/stories/news/10-04-2010/1-7-e.jpg
الحسكة.. أمّ الصناعات اليدوية.. وتسهيلات للحرفيين
تشتهر محافظة الحسكة بالعديد من الصناعات اليدوية والمحلية، فمنذ خمسينات القرن الماضي ومحافظة الحسكة من المحافظات الأولى في العديد من الصناعات التي تأتي في مقدّمتها النسيجية والغذائية.
والنشأة الأولى لهذه الصناعات اليدوية في الحسكة تزامنت مع ظهور الزراعة في المنطقة، وذلك إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على قدم الصناعات اليدوية في المحافظة، فبعد أن انقرض المحراث الزراعي القديم بدأت خيوط الصناعات اليدوية بالظهور، وتجلّت في بعض الصناعات التي تحقق الاكتفاء الذاتي لأهالي القرى والبلدات المجاورة لمركز المدينة في المنطقة، فكانت صناعة المكانس والألياف والبسط اليدوية، بالإضافة إلى العديد من المناخل، التي كانت تستخدم في الصناعات التموينية، حيث إنّ العديد من الطبقات الريفية والورشات الريفية الصغيرة أساس هذه الصناعات التي تعتمد على مواد أولية بسيطة وغير مكلفة.
أمّا إلى جانب الصناعات النسيجية، فيقول جاك سعيد، رئيس اتحاد الحرفيين: تشتهر محافظة الحسكة بصناعة اللباد، الـذي يعتمد على ضغط الصوف بالطرق اليدوية أو الآلية، وهي من الصناعات العريقة في المحافظة، ومن صناعاتها الشعبية التقليدية صناعة «العُقُل العربية»، وهي من متمّمات الزي البدوي ومن العناصر الرئيسية في اللباس الريفي في المحافظة، وأيضاً صناعة البسط، وهي على أنواع، فمنها المنسوجة من الصوف يدوياً، وبواسطة أنوال فردية، أو من بقايا الأقمشة، وترتبط بها حِرَفٌ منزلية في طريقها إلى الانقراض؛ كصناعة الزرب، وهو على شكل سياج من متمّمات بيت الشعر ينسج من قصب الزلّ أو عيدان شجر الصفصاف الذي ينبت على ضفاف الخابور، وبعد التوسّع في الزراعات المروية، أضيفت ملحقات أخرى للصناعات الزراعية، كـ الخطاطة لتمشيط التربة، وآلة التكسيب، ونثارة السماد، ما أدّى إلى التوسع بالزراعات المرويّة في المحافظة.
وعن الاهتمام بهذه الصناعات، التي بقيت عبارة عن حكايات تُروى في المجالس، ويُستأنس بها في الحكايا اليومية، يقول السعيد: نحن ـ اتحاد الحرفيين ـ نشجع مثل هذه الصناعات، لأنها تعبّر عن تراثنا وأصالتنا، كما أنّها وسيلة ونواة للمشاريع الصغيرة التي نهدف إلى إقامتها في الريف الحسكاوي، كما أنّنا نقوم بجرد كامل لمثل هذه الصناعات لمعرفة المنقرضة من غيرها، ونحن بدورنا وتشجيعاً للصناعات المحلية، نقوم بإعفاء أرباب هذه الحرف من الرسوم الضريبية، لأنّ إحياء مثل هذه الحرف مكسب كبير للمحافظة.
http://www.baladnaonline.net/ar/images/stories/news/10-04-2010/1-7-a.jpg
حكايات تُروى وتاريخ عريق المهن اليدوية التقليدية على وشك الانقراض فأنقذوها
المهن اليدوية.. حكايات تُروَى.. وتاريخ عريق يتحدث.. وإرثٌ ثمين لا يزال يورّثه الأجداد للأبناء والأحفاد.. ولكن ما واقع هذه الصناعات في زمننا الحاضر؟ هل احتفظت بطرائقها اليدوية البسيطة أم دخلت الآلات الحديثة في تصنيعها؟ هل ما زالت تشكّل مصدر دخلٍ تعتاش منه الأسر التي توارثت هذه المهن ؟ لذلك كان
قمنا بجولة على أهمّ الصناعات التي تشتهر بها المحافظات السورية، ليحدّثنا حرفيّوها عن معاناتهم في سبيل حماية هذا الإرث والمحافظة عليه قدر المستطاع في عصر باتت فيه الآلة تنافس الإنسان وتحتلّ مكانه في كثير من المواقع.
الصناعات التقليدية في الرقة.. في طريقها إلى الزوال
يعتمد سكان الرقة في معيشتهم بشكلٍ أساسي على تربية الثروة الحيوانية وخاصة الأغنام، وهذه المهنة تفرض ميزة خاصة على حياتهم، وجاءت الصناعات التقليدية في المحافظة لتؤكّد الارتباط الوثيق بمتطلبات الحياة السائدة وأنماطها، وتَبرز صناعة بيوت الشعر من بين مفردات الصناعة التقليدية التي اشتهرت بها الرقة، إضافة إلى صناعة الفرو والسجاد الخفيف، حيث كانت صناعة بيوت الشعر العربية مهنة أساسية أتقنها سكان الأرياف بالدرجة الأولى، ولا تزال هذه الصناعة تحظى بأهمية كبيرة لدى أهالي الرقة، وخاصة القبائل المتنقلة، لأنّها تعبر عن الموروث الشعبي لدى سكان الرقة، وتشكّل إحدى مفردات الحياة الرقّيّة.. يقول الباحث التراثي محمد العزو: إنّ صناعة بيوت الشعر من أكثر الصناعات التي يتقنها أهل الرقة، وهي تصنّع باستخدام آلة خشبية تسمّى «السدو»، وكانت عملية النسج تتمّ في طقوس جماعية، حيث تجتمع النسوة البدويات في أوّل فصل الخريف، ويبدأن غزل شعر الماعز لينتجن خيوطاً سوداء طويلة خشنة الملمس، وبعد جهد مضنٍ يستغرقه نسج هذه الخيوط تأخذ شكل أشرطة طوليّة تشكّل قطع بيت الشعر (الخيمة العربية), يأتي دور الرجال، حيث يقومون بوصل هذه الأشرطة بعضها ببعض، ليتكامل تصنيع البيت ويأخذ شكله النهائي، ولبيوت الشعر أشكال وحجوم عدة، وأصغر بيت منها يدعى «الخص»، الذي يقوم على عمود واحد، يليه في الحجم «المقورن»، وهو الذي يقوم على عمودين، ثمّ «المثولث» ذو الأعمدة الثلاثة, والمروبع, والمخومس, وأخيراً المسوبع، وعادة يستخدمه شيوخ القبائل وسادتها في سكنهم.
http://www.baladnaonline.net/ar/images/stories/news/10-04-2010/1-7-b.jpg
ويتابع العزو حديثه، قائلاً: تراجعت صناعة البيوت العربية في زمننا الحاضر بشكل كبير جداً، وخاصة بعد الاستقرار السكاني، الذي جاء نتيجة مباشرة للتوسع في العمل الزراعي، واقتصار مربّي الثروة الحيوانية على الترحال بقطعانهم في أوقات محددة من العام، كما أنّ وجود الخيمة الصناعية الجاهزة في الأسواق حدّ من هذه الصناعة، وانحصر بالتالي اقتناء الخيمة العربية على الخاصة من الناس، وأعداد قليلة من قاطني البادية.
ومن الصناعات العريقة التي ازدهرت بها الرقة وعموم حوض الفرات، صناعة الفرو والسجاد، حتى إنّ هناك سوقاً خاصاً لهم يسمّى «سوق الفرواتية»، وقد كانت هذه المهنة سابقاً من أكثر المهن التي تدرّ أرباحاً مالية على أصحابها، وفي هذه الأيام تغيّرت الأحوال فأغلق الكثير من هؤلاء مشاغلهم وحوانيتهم واتجهوا إلى امتهان أعمال أخرى.
ويقول نجيب الفرواتي (صاحب مشغل للفرو): لقد ورثت مهنة صناعة الفرو عن آبائي وأجدادي، وتعتمد هذه الصناعة على جلود الخراف الصغيرة، حيث نقوم بشرائها من أصحاب الثروة الحيوانية، ونقوم بدبغها ونزيل الأوساخ عنها ونخيطها على شكل عباءة طويلة يرتديها الرجال في فصل الشتاء، كما نقوم بصناعة «الزروب» وهذه تستخدم في بيوت الشعر، كحواجز داخل البيت، وتصنع من عيدان البردي الموجودة على ضفاف الفرات، ومن المنتوجات التي نصنعها «البسط»، ومادتها الأولية صوف الأغنام، يصبغ بألوان متعددة، ثمّ ينسج بالنول اليدوي، ولها أصناف عديدة.
ويضيف الفرواتي؛ لقد أغلق العديد من الفرواتية مشاغلهم بسبب عدم رواج السلع التي ينتجونها، فالفراء الصناعي يغزو الأسواق وبأسعار رخيصة، كما أنّ معظم أهل البادية باتوا يعتمدون على الخيم الصناعية، وقد تحوّلت سلعنا التي نصنعها من حاجة أساسية لمعظم البيوت إلى سلعة كمالية يقتنيها قلة من الناس الذين تستهويهم الأشياء التراثية، وأنا لا أزال أتمسك بهذه المهنة، لأنها من تراث الأجداد.
وأكد الفرواتي أنّ إمكانية إنعاش هذه الصناعات وتطويرها يعتمد على مدى دعم اتحاد الحرفيين والجهات المعنية هذه الصناعات، وذلك عن طريق إقامة معارض كبيرة لهذه الصناعات وتشجيع المجموعات السياحية الوافدة إلى المدينة لزيارة الأسواق التي تعنى بشؤون التراث.
http://www.baladnaonline.net/ar/images/stories/news/10-04-2010/1-7-c.jpg
تراجع صناعة النحاس في حلب
صناعة النحاس من الصناعات التقليدية التي اشتهرت بها مدينة حلب، وما زالت هذه الصناعة تحافظ على ألقها في أسواق حلب القديمة، رغم إغلاق الكثير من أصحاب المهنة محالّهم ومشاغلهم، ليتحولوا إلى مهن أخرى، بحسب عبد القادر (30 عاماً)، الذي يعمل في محل لصناعة النحاس.. يتحدث عبد القادر عن معاناة اصحاب هذه المهنة، الذين أخذوا يتضاءلون لأسباب تعود إلى الإمكانات المادية وضعف الترويج، ولتنحصر هذه الصناعة بتصنيع الأواني النحاسية من «الطناجر والمناسف العربية والحلاّت والمقالي والمصافي النحاسية»، إضافة إلى بعض الأواني والتحف الجديدة، بعد دخول الآلة إلى هذه المهنة، ومنها السيوف ومناقل الجمر وبعض أنواع «الصواني» المزينة والمزخرفة، ودلال القهوة العربية، وبعض «الصواني» المنقوشة، فيما لجأ صناع المعادن إلى استعمال خامتين من النحاس لصناعة الأواني، وهما تختلفان من حيث المظهر واللون، وهما النحاس الأحمر، ويستخدم عادة في صناعة الأواني الضخمة المخصصة للطهو أو حفظ الماء والنحاس الأصفر الذي يكتسب لونه المميز من سبكه مع الزنك، وإذا كانت الزخرفة بالحفر أو الحزّ شائعة في أواني النحاس الأحمر، فإنّ منتجات النحاس الأصفر غالباً ما تزخرف بطريقتي «النيلو والتكفيت». لكنّ حرفيي هذه المهنة يجدون أنّ تراجع إقبال الناس على اقتناء النحاس يعود إلى أسباب مادية، منها ما يترتّب على اقتناء الأواني النحاسية وطرق تبييضها وتنظيفها، حيث تجعل الناس يحجمون عن شرائها، على اعتبار أنّ تبييض الآنية النحاسية يكلّف أكثر من نصف سعرها، لذلك أخذ المردود المادي لتلك الصناعة يتراجع، ومن العوامل أيضاً استخدام الناس أواني منزلية، كالألمنيوم والكروم، ودخول الزجاج وأنواع مختلفة تركت تأثيراً على طريقة تسويقها وانتشارها الواسع ودخولها كلّ البيوت، وهذا العامل غير موجود في النحاس الذي يبتعد كلياً عن التسويق الجيّد لتلك المنتجات.
http://www.baladnaonline.net/ar/images/stories/news/10-04-2010/1-7-d.jpg
صناعة السفن في اللاذقية.. تراث قديم وسمة تميز الساحل السوري
ارتبط بالساحل السوري العديد من الصناعات والحرف التقليدية، ولا سيّما تلك المتعلقة بالصناعات البحرية، حيث انطلقت صناعة السفن من جزيرة أرواد إلى الموانئ السورية، ومنها مدينة اللاذقية، وانتشرت مهنة صناعة السفن وقوارب الصيد والنزهة والشباك على شكل ورشات في الساحات العامة والأزقة وقرب الشاطئ، كما سادت صناعة المراكب الشراعية الكبيرة التي تنقل البضائع إلى الخارج، وصناعة اليخوت الكبيرة التي تضاهي الصناعات الأجنبية من حيث رخصها واتقان صنعها، وتعتبر مصدر فخر للحرفيين في المحافظة.
وعلى الرغم من بدائيّة الأدوات المستخدمة، وصعوبة العمل، وعدم وجود التسهيلات، وقلة الرعاية لهؤلاء الصناع المهرة، إلا أنهم يستمرون في هذه الصناعة التراثية، التي تعتبر سمة بارزة للساحل السوري، ولا سيما مدينة اللاذقية.
يقول أحمد حريشية، أحد أشهر صانعي السفن على مستوى الساحل السوري؛ إنّ صناعة السفن في اللاذقية تعتبر من المهن القديمة جداً، ونحن نعمل في مجال صناعة الزوارق البحرية، سواء أكانت مصنوعة من الحديد أم من الخشب، وأضاف: «في الورشة التي أملكها نعمل على صناعة جميع أنواع الزوارق، زوارق النزهة والصيد والشحن والقاطرة واليخوت، وقد صدّرنا أعمالنا إلى كثير من بلدان العالم، ومنها قبرص وتركيا ومصر واليونان والسعودية ورومانيا وليبيا وروسيا».
أمّا عن طريقة صناعة الزوارق، فقال الريّس أحمد: «يتألف الزورق من أوّل قطعة توضع فيه من أجل البدء ببناء جسمه، والتي تدعى الـ «بريم»؛ أي العمود الفقري أو الحامل الذي تحطّ عليه أضلاع خشبية أو حديدية بشكل عرضي، وتثبّت بالبراغي والمسامير، ومن ثمّ تفرش الألواح التي تغطّي فراغات البناء الهيكلي للزورق، وتمنع تسرب الماء إلى داخله، ويراعَى الزورق المصنوع من الخشب، بحيث يدهن سطحه بالزيوت والمعجون والدهان الخاص بالبحر ومناخه المقاوم لرطوبة هذه الأجواء، يخصّ بهذا الدهان الجزء السفلي من الزورق، الذي يُدعى «الغاطس»، أمّا الزوارق المصنوعة من الحديد، فلها مخططات يُعدّها مهندسون وخبراء متخصصون تحسب من خلالها جميع ما يلزم الزورق خلال رحلته في عباب البحار».
وأضاف: يعمل البحارة كلّ عام على ما يسمّى بالعامية «العمرة»؛ أي إعادة تأهيل الزورق وصيانته من الداخل والخارج، حيث يرفع إلى الشاطئ، ويقوم عمال الورشة بتجهيزه وإعداده بشكل كامل، ميكانيكياً وهيكلياً، وحتى على مستوى الدهان والقشرة الخارجية»، وأوضح أنّ اسم زورق يطلق على كلّ مركب لم يتعدَّ طوله أكثر من 24م، وإن زاد على هذه القيمة أصبح سفينة.
http://www.baladnaonline.net/ar/images/stories/news/10-04-2010/1-7-e.jpg
الحسكة.. أمّ الصناعات اليدوية.. وتسهيلات للحرفيين
تشتهر محافظة الحسكة بالعديد من الصناعات اليدوية والمحلية، فمنذ خمسينات القرن الماضي ومحافظة الحسكة من المحافظات الأولى في العديد من الصناعات التي تأتي في مقدّمتها النسيجية والغذائية.
والنشأة الأولى لهذه الصناعات اليدوية في الحسكة تزامنت مع ظهور الزراعة في المنطقة، وذلك إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على قدم الصناعات اليدوية في المحافظة، فبعد أن انقرض المحراث الزراعي القديم بدأت خيوط الصناعات اليدوية بالظهور، وتجلّت في بعض الصناعات التي تحقق الاكتفاء الذاتي لأهالي القرى والبلدات المجاورة لمركز المدينة في المنطقة، فكانت صناعة المكانس والألياف والبسط اليدوية، بالإضافة إلى العديد من المناخل، التي كانت تستخدم في الصناعات التموينية، حيث إنّ العديد من الطبقات الريفية والورشات الريفية الصغيرة أساس هذه الصناعات التي تعتمد على مواد أولية بسيطة وغير مكلفة.
أمّا إلى جانب الصناعات النسيجية، فيقول جاك سعيد، رئيس اتحاد الحرفيين: تشتهر محافظة الحسكة بصناعة اللباد، الـذي يعتمد على ضغط الصوف بالطرق اليدوية أو الآلية، وهي من الصناعات العريقة في المحافظة، ومن صناعاتها الشعبية التقليدية صناعة «العُقُل العربية»، وهي من متمّمات الزي البدوي ومن العناصر الرئيسية في اللباس الريفي في المحافظة، وأيضاً صناعة البسط، وهي على أنواع، فمنها المنسوجة من الصوف يدوياً، وبواسطة أنوال فردية، أو من بقايا الأقمشة، وترتبط بها حِرَفٌ منزلية في طريقها إلى الانقراض؛ كصناعة الزرب، وهو على شكل سياج من متمّمات بيت الشعر ينسج من قصب الزلّ أو عيدان شجر الصفصاف الذي ينبت على ضفاف الخابور، وبعد التوسّع في الزراعات المروية، أضيفت ملحقات أخرى للصناعات الزراعية، كـ الخطاطة لتمشيط التربة، وآلة التكسيب، ونثارة السماد، ما أدّى إلى التوسع بالزراعات المرويّة في المحافظة.
وعن الاهتمام بهذه الصناعات، التي بقيت عبارة عن حكايات تُروى في المجالس، ويُستأنس بها في الحكايا اليومية، يقول السعيد: نحن ـ اتحاد الحرفيين ـ نشجع مثل هذه الصناعات، لأنها تعبّر عن تراثنا وأصالتنا، كما أنّها وسيلة ونواة للمشاريع الصغيرة التي نهدف إلى إقامتها في الريف الحسكاوي، كما أنّنا نقوم بجرد كامل لمثل هذه الصناعات لمعرفة المنقرضة من غيرها، ونحن بدورنا وتشجيعاً للصناعات المحلية، نقوم بإعفاء أرباب هذه الحرف من الرسوم الضريبية، لأنّ إحياء مثل هذه الحرف مكسب كبير للمحافظة.