مركز أسنان الدولي
https://www.assnan.com
يتميز الأشخاص المصابون بالنرجسية باضطراب الشخصية وشعورهم القوي بالأهمية والعظمة والتفرد. ومثل هذا الشعور يسبب الكثير من المشكلات الاجتماعية كون هذا الإنسان لن يتمكن من إشباع هذا الإحساس بمعزل عن الآخرين بل لا بد أن يعطى حقوقه المزعومة من التعظيم والتبجيل من الآخرين الأقل منه حسب اعتقاده.
لا يعني أن المصاب بالنرجسية شخص لا يستحق الاهتمام أو أنه غير منتج اجتماعيا أو غير مؤهل علميا بل قد يكون بالفعل من الأشخاص المتميزين اجتماعياً إلا أن إحساسه بأن الكون يدور حوله والمبالغة في تضخيم انجازاته هو ما يجعل شعوره وردود فعله العاطفية والاجتماعية اشياء تصنف كاضطراب في شخصيته.
حول هذا الموضوع يقول د.علي جابر السلامة: إن النرجسي يعاني كثيراً لأنه على أرض الواقع لن يجد من يشبع رغباته في كل وقت وفي كل الأحوال وهذا ما قد يؤدي إلى المرض النفسي في النهاية. قد يكون الشعور بالأهمية والعظمة جزءاً من خيال الشخص المصاب أو أحلام يقظته دون أن يصرح بهذا ودون أن يعلم بها الآخرون وهذا لا يعني أن معاناته أقل ممن تكون أعراض الاضطراب بادية عليه وملاحظة من قبل الآخرين.
يوجد هذا الاضطراب بنسبة 4,0 % (4 في الألف) في المجتمع عموماً ويكون أكثر شيوعا بين الذكور. وتتنوع صوره بين الشعور بالقوة المطلقة والجمال المتفرد. الأهمية القصوى...إلخ. وفي كل الصور، ومثل هذا الشخص لا يتوقع أن يوجه له أحد النقد أو اللوم أو حتى النصح لتغيير أي من سلوكياته وإذا وجه له اللوم أو النقد فإنه لا يضع له أي اعتبار. ولهذا لا تجد للنرجسي علاقات ثابتة أو وثيقة مع الآخرين.
الأسباب
لم يتم دراسة أسباب اضطراب الشخصية النرجسية بشكل جدي حتى الآن ويتوافر القليل من المعلومات بهذا الخصوص. يعتقد أن الأسباب متعددة ومتداخلة فيما بينها. هذه الأسباب تصنف لأسباب عضوية ونفسية واجتماعية وتطورية. الأسباب العضوية تتمثل في اختلال نسب بعض النواقل العصبية بين خلايا الدماغ.
أما الأسباب النفسية والتطورية فيعتقد أن حالة من الغضب الشديد عانى منها الشخص المصاب مبكرا في طفولته تجاه أفراد يشكلون أهمية مركزية في حياته. كما يعتقد أن وراء التعظيم المتعمد للذات شعورا دفينا بالدونية يسكن كل أركان النفس في الشخص المصاب وما هذه التصرفات النرجسية إلا وسيلة دفاع غير واعية ضد هذا الشعور.
كما يعتقد البعض أن السبب تربوي بحت يكمن في حدة انتقادات الأبوين الموجهة لأبنائهم كجزء من الحرص عليهم وتوقعاتهم العالية في أطفالهم. معظم النرجسيين غالبا ما يكونون أول أطفال الأسرة أو الوحيدين لآبائهم. واعتقد بعض الباحثين أن الآباء استخدموا أطفالهم دون وعي لتمرير رغباتهم وأمانيهم. أما اجتماعيا. فيرى بعض المختصين في هذا المجال أن النرجسية ليس مرضا بل ظاهرة سببها الواقع الغربي المعاصر والذي يوصف بأنه (حضارة نرجسية).
المظاهر
يبدأ هذا الاضطراب في التبلور والوضوح في سن مبكرة(المراهقة) ويستمر ويزداد مع العمر. تتنوع الصور كثيراً بل قد تتضارب في نفس الشخص. فبالرغم من النرجسية الشديدة وعدم المبالاة بالآخرين. قد يظهر المريض محاولات مستميتة لنيل رضا الآخرين وجذبهم له كمحاولة لتغطية الشعور الطاغي بعدم أهمية الآخرين بالنسبة له.
ويمتدح النرجسيون من يعظمهم ويملأ رغباتهم بكيل التبجيل لهم. قد يحقق النرجسيون نجاحاً باهراً على مستوى الدراسة أو الوظيفة أو على المستوى الاجتماعي لكن كل ما يهمهم ليس الإنتاج نفسه بل نيل المديح والتقدير من الآخرين فقط.
يكثر النرجسيون من الكذب والتلفيق والتبريرات غير الصادقة. تتأثر مشاعر النرجسيين كثيرا في حال اضمحلال المصادر الخارجية التي تغذي شعورهم بالعظمة والتفرد حيث تبدو شخصياتهم الهشة على حقيقتها. يعانون أيضا من الخواء العاطفي فلا شعور حقيقياً بالحزن أو الفرح. كما يعانون كذلك من التفاوت المفاجئ والمتكرر في أمزجتهم. قدرة النرجسي على الحب جد محدودة وكل ما يملكونه هو أحلام اليقظة التي تنشد العيش في حب مثالي بعيد عن الواقع.
كما أن النشاط الجنسي في نظر النرجسي شيء تافه يعبر عن لذة جسدية فقط وليس تعبيراً عن مشاعر وأحاسيس بين شخصين. وقد يظهر على النرجسي بعض السلوك الداعر. لا يستطيع النرجسي غالبا الحفاظ على علاقات ثابتة وراسخة حيث إن الشعور بالملل وتصرفات النرجسي يفككان هذه العلاقات بعد وقت قصير من بدايتها. يستخدم النرجسيون قدرتهم اللغوية لإظهار تفردهم وعظمتهم وليس كوسيلة للتواصل أو فهم الآخرين.
يحرص النرجسي على الاستعراض كثيرا لقدراته اللغوية ولا يهمه محتوى ما يقدمه من كلام والذي عادة لا يتميز بالفعل بشيء عن الآخرين إن لم يكن أقل أو حتى فارغا من المحتوى.
التشخيص
يعتمد التشخيص على الشعور المستمر والمبالغ فيه بالعظمة (كخيال أو سلوك) مع الحاجة للثناء والإطراء ويبدأ بسن مبكرة وتشير إليه خمسة أو أكثر من العناصر التالية:
* الشعور بالعظمة والأهمية كالمبالغة في الانجازات أو توقع أن يعامل باستثنائية دون مبرر لذلك.
* دائم الانشغال بخيال النجاح الباهر والتميز والقوة والجمال والحب المثالي.
* الاعتقاد بأنه متميز ولا يفهمه ولا يرتبط به إلا المتميزون أمثاله.
* بحاجة ماسة ومستمرة للمديح والإطراء.
* يحب أن يلقب بألقاب العظمة ويشعر أنه يجب أن يطاع دون نقاش.
* يستغل الآخرين لصالحه.
* لا يشعر بأهمية أو شعور الآخرين.
* يحسد الآخرين ويشعر بأنهم يحسدونه أيضا.
* تظهر عليه الغطرسة والتعالي.
الأمراض المصاحبة
غالباً ما تصاحب هذا النوع من الاضطراب في الشخصية العديد من الأمراض النفسية مثل:
* الاكتئاب.
* أمراض القلق.
* نقص الشهية العصبي.
* إدمان المخدرات.
* اضطرابات أخرى في الشخصية مثل:
أ ـ الشخصية الحدية(البينية).
ب ـ الشخصية الهستيرية.
ج ـ الشخصية المرتابة(الشكاكة).
د ـ الشخصية المعادية للمجتمع.
هـ ـ الشخصية الفصامية.
كما أنه معرض للإصابة بأعراض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب ونوبات الهوس قصيرة المدة ويحتفظ المريض خلالها باستبصاره وخصائص شخصيته النرجسية أيضا.
هناك نوع من النرجسية الخبيثة، حيث يظهر المريض بالإضافة إلى أعراض نرجسية شديدة الكثير من التصرفات المعادية للمجتمع فلا يكتفي بالاستعلاء على الآخرين والشعور بالعظمة بل يسعى لضررهم بوسائل شتى.
الاضطرابات المصاحبة:
غالباً يصاب الشخص النرجسي بالاكتئاب والهوس بشكل متكرر وبالذات في أواسط العمر حيث يعاني من أزمات حادة من الشعور بخيبة الأمل والغضب والشعور بتلاشي أسباب نرجسيته. المسار عموما يتخذ المنحى المزمن ومقاومة أغلب أساليب العلاج. بل ويضاف لها الأمراض النفس جسمانية والقلق والشعور بالخواء.
العلاج
عادة لا يلجأ المصاب بالشخصية النرجسية للطبيب طلبا للعلاج إلا في حالة إصابته بأحد الأمراض المصاحبة لاضطراب شخصيته مثل القلق والاكتئاب أو من مشكلات في علاقته بالآخرين وبالذات المقربون منه.
* العلاج الدوائي: لا يوجد علاج ناجع لاضطراب الشخصية النرجسية إلا أن المهدئات ومضادات الاكتئاب وبالذات مثبطات ارتجاع السيروتونين مثل البروزاك تساعد في التحكم في الأعراض المصاحبة مثل القلق، نوبات الغضب، نوبات تقلب المزاج، الاكتئاب والعدوانية النرجسية.
* العلاج النفسي: العلاج الفردي هو الأمثل بين العلاجات النفسية رغم أنه يحمل خطورة تولد شعوراً بالعدائية بين المعالج ومريضه نظرا لحدة سمات الشخصية النرجسية.